حسين السبيعي
19-06-2009, 04:42 PM
أيها الرواسيون والرواسيات
صباحكم/مساؤكم خير ، وشعر ، وعطر
تحل علينا اليوم أيها الأحبة ذكرى أليمة وسعيدة في آنٍ معاً ، ففي مثل هذا اليوم قبل أربع سنوات بالتاريخ الهجري تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله مقاليد الحكم في البلاد ، بعد وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله رحمة واسعة.
ولأنه رجل ليس ككل الرجال ، وملك يختلف عن كل الملوك ، فقد عاصر رحمه الله حروبا ومآسٍ وحوادث شتى ، كان أمامها كالطود الأشم رسوخا وثباتا ، وبما أنه مختلف ، فقد كان لخبر وفاته وقع مختلف أيضا ، فكانت هذه المرثية المتواضعة أمام قامةٍ بحجم الفهد رحمه الله وغفر له.
مَوْتُ عَظِيمِ الْعَرَبِ
تَضَعْضَعَ هَذَا الْكَوْنُ وَاهْتَزَّ بَعْدَمَا=سَرَى خَبَرٌ مَشْؤُمُ ، وَاسْوَدَّتِ السَّمَا
فَجَاءَتْ بِهِ شَمْسُ النَّهَارِ كَسِيفَةً=بَدَا قُرْصُهَا لِلْعَيْنِ أَسْوَدَ مُعْتِمَا
فَأَظْلَمَ نُورُ الأَرْضِ ، وَاسْوَدَّ يَوْمُهَا=وَغَابَتْ نُجُومُ اللَّيْلِ إِذْ صَارَ أَدْهَمَا
وَغَارَتْ بِحَارٌ ، فَاسْتَقَلَّتْ جَزَائِرٌ=وَزُلْزِلَتِ الأَرْضُونَ زِلْزَالَ سُونَمَا
بِمَوْتِ عَظِيمِ الْعُرْبِ ، حَامِي دِيَارِهَا=إِمَامِ الْهُدَى ، بَحْرِ النَّدَى ، حَاقِنِ الدِّمَا
فَطَيْبَةُ تَنْعَى لِلأَنَامِ إِمَامَهَا=نَعِياًّ أَتَى لَيْسَ الْحَدِيثَ الْمُرَجَّمَا
وَأُمُّ الْقُرَى تَبْكِي الْقُرَى مِنْ بُكَائِهَا=وَنَجْدٌ أَقَامَتْ في دُجَى اللَّيْلِ مَأْتَمَا
وَهَذَا طُوَيْقٌ حَاوَلَ النَّوْحَ مِثْلَهُمْ=فَعَزَّ بُكَاءُ الطَّوْدِ ثُمَّ تَحَطَّمَا
وَضَجَّ مِنَ الأَحْزَانِ مَسْرَى مُحَمَّدٍ=يُشَاطِرُ في الْحُزْنِ الْحَطِيمَ وَزَمْزَمَا
وَهَذَا خَلِيجُ الْعُرْبِ يَبْكِي كَبِيرَهُ=فَقَدْ عَمَّهُ الْحُزْنُ الْعَظِيمُ وَخَيَّمَا
وَصَنْعَاءُ تَبْكِي وَالْجِبَالُ تُجِيبُهَا=بِرَجْعِ الصَّدَى ، فَالْخَطْبُ جَلَّ فَأَعْظَمَا
وَبَغْدَادُ وَالْفَيْحَا وَعمَّانُ كُلُّهَا=وَبَيْرُوتُ وَالْخُرْطُومُ يَبْكُونَهُ دَمَا
وَقَاهِرَةُ النِّيلِ الْعَظِيمِ أَصَابَهَا=مُصَابٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ عَنْ مِثْلِهِ سَمَا
وَفي دَارِ وَهْرَانٍ بَدَا الْحُزْنُ ظَاهِراً=وَفي تُونُسَ الْخَضْرَاءِ شَعْبٌ تَأَلَّمَا
وَتِلْكَ رِبَاطُ الْفَتْحِ يَبْكِي خَطِيبُهَا=عَلَى مِنْبَرِ الثَّانِي وَيَنْعَى الْمُقَدَّمَا
وَهَذِي بِلاَدُ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعُهَا=بَدَا الْجَوُّ فِيهَا مُكْفَهِّراً وَمُظْلِمَا
وَكُلُّ بِلاَدِ الْكَوْنِ أَضْحَتْ مُبِينَةً=مَظَاهِرَ حُزْنٍ يَمْلأُ الْحَلْقَ عَلْقَمَا
فَمَا مَوْتُ فَهْدٍ في الْمُلُوكِ كَغَيْرِهِ=(( وَلَكِنَّهُ بُنْيَانُ قَوْمٍ تَهَدَّمَا ))
هُوَ الْعَاهِلُ الْبَانِي ، هُوَ الْقَائِدُ الَّذِي=أَضَافَ بِنَاءً لِلْبِنَاءِ وَتَمَّمَا
هُوَ مَنْ لَهُ في كُلِّ أَرْضٍ مَآثِرٌ=تُشِيدُ لَهُ بِالْفَضْلِ إِنْ تَتَكَلَّمَا
أَعَادَ بِلاَدَ الْجَارِ بَعْدَ اغْتِصَابِهَا=وَأَقْدَمَ لَمَّا أَنْ رَأَى الْغَيْرَ أَحْجَمَا
أَجَلْ ، إِنَّهُ الْفَهْدُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ=فَمَنْ غَيْرُهُ أَعْطَى الْبِلاَدَ تَقَدُّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ بِضْعاً وَعِشْرِينَ حِجَّةً=أَقَامَ مَنَارَ الْعَدْلِ حَتَّى تَقَوَّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ فِعْلُ الْجَمِيلِ طِبَاعُهُ ؟=وَمَنْ غَيْرُهُ رَأْسَ الْمَعَالِي تَسَنَّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ إِنْ قَالَ قَوْلاً تَوَقَّفَتْ=لَدَى قَوْلِهِ الأَبْطَالُ لَمْ تَتَقَدَّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ يَرْعَى الْحَجِيجَ كَخَادِمٍ ؟=وَمَنْ غَيْرُهُ يُهْدِي الْمَصَاحِفَ مُنْعِمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ في كُلِّ أَرْضٍ وَإِنْ نَأَتْ=أَحَالَ شَقَاءَ الْمُسْلِمِينَ تَنَعُّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ يُعْطِي وَيَبْذُلُ مَانِحاً=جَمِيعَ بَنِي الإِسْلاَمِ عَيْناً وَدِرْهَمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ يَرْعَى شُؤُونَ حَيَاتِهِمْ ؟=وَمَنْ غَيْرُهُ عَنْهُمْ تَحَمَّلَ مَغْرَمَا ؟
وَمَهْمَا أَقُولُ الْيَوْمَ لَنْ أُحْصِيَ الَّذِي=أَفَاضَ مِنَ الإِحْسَانِ وَالْفَضْلِ ، إِنَّمَا
أُعَدِّدُ بَعْضَ الْفَضْلِ مِمَّا عَلِمْتُهُ=وَأَكْثَرُهُ في الْغَيْبِ يَبْقَى مُكَتَّمَا
فَآثَارُهُ في كُلِّ أَرْضٍ مُقِيمَةٌ=مَدَى الدَّهْرِ لَنْ تَفْنَى ، وَلَنْ تَتَخَرَّمَا
عَسَى اللهُ أَنْ يُولِيهِ في الْقَبْرِ رَحْمَةً=وَفي يَوْمِ حَشْرِ الْخَلْقِ يُولِيهِ أَنْعُمَا
وَيَا سَامِعاً قَوْلِي إِلَيْكَ خِتَامُهُ=جَزَى اللهُ خَيْراً مَنْ عَلَيْهِ تَرَحَّمَا
حسين السبيعي
الدمام 26/ 6/1426هـ
الموافق 1/8/2005م
صباحكم/مساؤكم خير ، وشعر ، وعطر
تحل علينا اليوم أيها الأحبة ذكرى أليمة وسعيدة في آنٍ معاً ، ففي مثل هذا اليوم قبل أربع سنوات بالتاريخ الهجري تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله مقاليد الحكم في البلاد ، بعد وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله رحمة واسعة.
ولأنه رجل ليس ككل الرجال ، وملك يختلف عن كل الملوك ، فقد عاصر رحمه الله حروبا ومآسٍ وحوادث شتى ، كان أمامها كالطود الأشم رسوخا وثباتا ، وبما أنه مختلف ، فقد كان لخبر وفاته وقع مختلف أيضا ، فكانت هذه المرثية المتواضعة أمام قامةٍ بحجم الفهد رحمه الله وغفر له.
مَوْتُ عَظِيمِ الْعَرَبِ
تَضَعْضَعَ هَذَا الْكَوْنُ وَاهْتَزَّ بَعْدَمَا=سَرَى خَبَرٌ مَشْؤُمُ ، وَاسْوَدَّتِ السَّمَا
فَجَاءَتْ بِهِ شَمْسُ النَّهَارِ كَسِيفَةً=بَدَا قُرْصُهَا لِلْعَيْنِ أَسْوَدَ مُعْتِمَا
فَأَظْلَمَ نُورُ الأَرْضِ ، وَاسْوَدَّ يَوْمُهَا=وَغَابَتْ نُجُومُ اللَّيْلِ إِذْ صَارَ أَدْهَمَا
وَغَارَتْ بِحَارٌ ، فَاسْتَقَلَّتْ جَزَائِرٌ=وَزُلْزِلَتِ الأَرْضُونَ زِلْزَالَ سُونَمَا
بِمَوْتِ عَظِيمِ الْعُرْبِ ، حَامِي دِيَارِهَا=إِمَامِ الْهُدَى ، بَحْرِ النَّدَى ، حَاقِنِ الدِّمَا
فَطَيْبَةُ تَنْعَى لِلأَنَامِ إِمَامَهَا=نَعِياًّ أَتَى لَيْسَ الْحَدِيثَ الْمُرَجَّمَا
وَأُمُّ الْقُرَى تَبْكِي الْقُرَى مِنْ بُكَائِهَا=وَنَجْدٌ أَقَامَتْ في دُجَى اللَّيْلِ مَأْتَمَا
وَهَذَا طُوَيْقٌ حَاوَلَ النَّوْحَ مِثْلَهُمْ=فَعَزَّ بُكَاءُ الطَّوْدِ ثُمَّ تَحَطَّمَا
وَضَجَّ مِنَ الأَحْزَانِ مَسْرَى مُحَمَّدٍ=يُشَاطِرُ في الْحُزْنِ الْحَطِيمَ وَزَمْزَمَا
وَهَذَا خَلِيجُ الْعُرْبِ يَبْكِي كَبِيرَهُ=فَقَدْ عَمَّهُ الْحُزْنُ الْعَظِيمُ وَخَيَّمَا
وَصَنْعَاءُ تَبْكِي وَالْجِبَالُ تُجِيبُهَا=بِرَجْعِ الصَّدَى ، فَالْخَطْبُ جَلَّ فَأَعْظَمَا
وَبَغْدَادُ وَالْفَيْحَا وَعمَّانُ كُلُّهَا=وَبَيْرُوتُ وَالْخُرْطُومُ يَبْكُونَهُ دَمَا
وَقَاهِرَةُ النِّيلِ الْعَظِيمِ أَصَابَهَا=مُصَابٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ عَنْ مِثْلِهِ سَمَا
وَفي دَارِ وَهْرَانٍ بَدَا الْحُزْنُ ظَاهِراً=وَفي تُونُسَ الْخَضْرَاءِ شَعْبٌ تَأَلَّمَا
وَتِلْكَ رِبَاطُ الْفَتْحِ يَبْكِي خَطِيبُهَا=عَلَى مِنْبَرِ الثَّانِي وَيَنْعَى الْمُقَدَّمَا
وَهَذِي بِلاَدُ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعُهَا=بَدَا الْجَوُّ فِيهَا مُكْفَهِّراً وَمُظْلِمَا
وَكُلُّ بِلاَدِ الْكَوْنِ أَضْحَتْ مُبِينَةً=مَظَاهِرَ حُزْنٍ يَمْلأُ الْحَلْقَ عَلْقَمَا
فَمَا مَوْتُ فَهْدٍ في الْمُلُوكِ كَغَيْرِهِ=(( وَلَكِنَّهُ بُنْيَانُ قَوْمٍ تَهَدَّمَا ))
هُوَ الْعَاهِلُ الْبَانِي ، هُوَ الْقَائِدُ الَّذِي=أَضَافَ بِنَاءً لِلْبِنَاءِ وَتَمَّمَا
هُوَ مَنْ لَهُ في كُلِّ أَرْضٍ مَآثِرٌ=تُشِيدُ لَهُ بِالْفَضْلِ إِنْ تَتَكَلَّمَا
أَعَادَ بِلاَدَ الْجَارِ بَعْدَ اغْتِصَابِهَا=وَأَقْدَمَ لَمَّا أَنْ رَأَى الْغَيْرَ أَحْجَمَا
أَجَلْ ، إِنَّهُ الْفَهْدُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ=فَمَنْ غَيْرُهُ أَعْطَى الْبِلاَدَ تَقَدُّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ بِضْعاً وَعِشْرِينَ حِجَّةً=أَقَامَ مَنَارَ الْعَدْلِ حَتَّى تَقَوَّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ فِعْلُ الْجَمِيلِ طِبَاعُهُ ؟=وَمَنْ غَيْرُهُ رَأْسَ الْمَعَالِي تَسَنَّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ إِنْ قَالَ قَوْلاً تَوَقَّفَتْ=لَدَى قَوْلِهِ الأَبْطَالُ لَمْ تَتَقَدَّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ يَرْعَى الْحَجِيجَ كَخَادِمٍ ؟=وَمَنْ غَيْرُهُ يُهْدِي الْمَصَاحِفَ مُنْعِمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ في كُلِّ أَرْضٍ وَإِنْ نَأَتْ=أَحَالَ شَقَاءَ الْمُسْلِمِينَ تَنَعُّمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ يُعْطِي وَيَبْذُلُ مَانِحاً=جَمِيعَ بَنِي الإِسْلاَمِ عَيْناً وَدِرْهَمَا ؟
وَمَنْ غَيْرُهُ يَرْعَى شُؤُونَ حَيَاتِهِمْ ؟=وَمَنْ غَيْرُهُ عَنْهُمْ تَحَمَّلَ مَغْرَمَا ؟
وَمَهْمَا أَقُولُ الْيَوْمَ لَنْ أُحْصِيَ الَّذِي=أَفَاضَ مِنَ الإِحْسَانِ وَالْفَضْلِ ، إِنَّمَا
أُعَدِّدُ بَعْضَ الْفَضْلِ مِمَّا عَلِمْتُهُ=وَأَكْثَرُهُ في الْغَيْبِ يَبْقَى مُكَتَّمَا
فَآثَارُهُ في كُلِّ أَرْضٍ مُقِيمَةٌ=مَدَى الدَّهْرِ لَنْ تَفْنَى ، وَلَنْ تَتَخَرَّمَا
عَسَى اللهُ أَنْ يُولِيهِ في الْقَبْرِ رَحْمَةً=وَفي يَوْمِ حَشْرِ الْخَلْقِ يُولِيهِ أَنْعُمَا
وَيَا سَامِعاً قَوْلِي إِلَيْكَ خِتَامُهُ=جَزَى اللهُ خَيْراً مَنْ عَلَيْهِ تَرَحَّمَا
حسين السبيعي
الدمام 26/ 6/1426هـ
الموافق 1/8/2005م