خيال مطير
29-06-2016, 08:18 PM
ذبح ورصاص وتكفير..
قتل الأقارب.. هل أصبح "جواز المرور" للالتحاق بـ"داعش"؟
الأربعاء - 24 رمضان 1437 - 29 يونيو 2016 - 02:11 مساء
http://www.ajel.sa/sites/default/files/styles/optimized_original/public/3_519.jpg?itok=EBfrLbC_
الرياض
تركي الفهيد
فتحت الزيادة الملاحظة في جرائم قتل الأقارب، الباب على مصراعيه أمام ضرورة الوقوف على ارتفاع نسبة الجرائم البشعة داخل المنطقة، خصوصًا ما شهدته الأيام الماضية من إقدام شابين على قتل أمهما، وقيام أبناء عمومة بقتل ابن عمهم، واغتيال شاب لخاله، حتى تحول الأمر، فيما يبدو، كأنها "قرابين" يقدمها الشباب السعودي (المغرر بهم) إلى تنظيم "داعش" الإرهابي.
داعش الدموي
الدكتور يوسف الرميح أستاذ مكافحة الجريمة والإرهاب بجامعة القصيم والمستشار الأمني، قال إن حوادث قتل الأقارب غير مستغربة على فكر وعقلية وسلوك التنظيم الإرهابي الدموي والمتوحش، وتؤكد فكر (داعش) الإرهابي المتعطش للدماء من أبناء هذه البلاد.
وأشار الرميح إلى أن (داعش) يقتل لإثبات الذات أمام المتعاطفين مع التنظيم؛ فالشاب يجب أن يضحي بأحد أقاربه، وكلما كان الضحية المستهدف أقرب، كالوالد أو الوالدة أو العّم أو الخال أو الأخ أو الأخت، كان ذلك أقوى وأفضل للتأكد بأن هذا الشاب استحق بجدارة الانضمام إلى التنظيم الإرهابي.
واعتبر الرميح أن نظرية قتل الأقارب تنطلق من مبدأين: (الأول) أن هذا القريب كافر خارج عن الملة ومرتد يجب قتله. والسبب في ذلك أنه لم يبايع ولم يكن ولاؤه للتنظيم. و(الثاني) أن هذا الشاب الراغب في الانضمام إلى التنظيم الإرهابي المتطرف يطلب منه إثبات ولائه وانتمائه المطلق للتنظيم، ويحصل هذا فقط بقتل قريب له؛ لأن هذا القريب في فكر وعقيدة التنظيم بكل تأكيد كافر.
ولفت الرميح الانتباه إلى أنه من الأفضل أن تكون حادثة القتل موثقة بالصوت والصورة ويعلن فيها ولاءه وانتماءه للتنظيم، ليكون دعاية للبقية من الشباب المراهقين والمترددين في الدخول للتنظيم الإرهابي بأن يحزموا أمرهم ويسارعوا للبيعة له.
داعش الدموي
في الوقت نفسه، ذكر الدكتور يوسف الرميح أن أسرة المؤمنين بفكر داعش أول من يدفعوا ثمن الانضمام إلى التنظيم الإرهابي، مطالبًا الأسر السعودية بمراقبة الشاب مراقبة دقيقة؛ فاليوم لكي يجند الشاب للتنظيم لا يحتاج إلى صديق يثق به ليجنده، بل يحتاج إلى هاتف ذكي وإنترنت يتواصل به مع التنظيم الذي يملي عليه شروطه ويطالبه بالقتل.
وأضاف الرميح: "كل ما سبق يجعل الأسرة مطالبة بمضاعفة مراقبة الشاب والتأكد من توجهاته، وكذلك يضاعف مسؤولية المدرسة بمتابعة الطلاب وكشف أي فكر متطرف وإرهابي في بداياته، وكذلك مسؤولية المسجد في توعية الشباب والكلام عن أهمية الأمن وخطر الإرهاب ووجوب السمع والطاعة لولاة الأمر".
واعتبر أن مسؤولية الحي تتمثل في متابعة الشباب والمراهقين وفتح منافذ للترفيه وقضاء الوقت تحت النظر ومسؤولية الجهات الأمنية لمتابعة مثل هذه الانحرافات الفكرية في مهدها وقبل اكتمالها ومراقبة مواقع الإنترنت ومراقبة الاستراحات وأماكن تجمع الشباب.
أعراض الدعشنة
كالأمراض والفيروسات، وضع الخبراء مجموعة من الأعراض التي تظهر على المنضم إلى التنظيم الإرهابي، بدايةً من كثرة حديثه عن الموت، وانعدام قيمة الحياة، وانتظار الحور العين بفارغ الصبر، إضافة إلى الكلام عن الحرب وضرورة تعلم وحمل واقتناء السلاح.
وهنا حذر الرميح من زيادة تعلق الشاب بمواقع إلكترونية معينة تعلقًا شديدًا، ولا رغبته في أن تعرف أسرته؛ فكلما قرب أحد أفراد الأسرة سارع بغلق الجهاز، ثم البدء في جمع الأموال لأمور لا تعرفها أسرته، ومحاولة جمع الأموال من الأقرباء، ومحاولة تغيير اسمه إلى كنية حركيّة، كأبو القعقاع، والجلوس مع الصغار من العائلة لإعطائهم دروسًا في كفر المجتمع وضرورة مفارقتهم.
ومن تصرفات الداعشي كثرة الكلام السيئ عن الوطن واختزال كل مكسب وتنمية ومشروع، وبيان أن مشروعه الوحيد الحرب والساحات، والنظرة المتشددة والمتطرفة للمجتمع وتكفيره، وشن حرب ضد المنكرات التي تكبر وتضخم بعقل هذا الشاب، وعدم الاهتمام بالمدرسة والتعليم، وأنه خلق لهدف أسمى وأشمل وأعظم وهو الدفاع عن الأمة.
وتبدو على الشاب المنساق وراء الأفكار الداعشية، إظهار عدم رضاه بأي مناسبات أسرية أو اجتماعية، كالزواج والأعياد والحفلات، والهروب من المناسبات الأسرية بأي عذر كان، والاهتمام المفاجئ بالقضايا السياسية للعالم، والإيمان الكامل بفكر وعقيدة المؤامرة التي تحاك بأبناء المملكة.
ونبه الرميح إلى أن المنساق وراء الفكري الداعشي لا يهتم بالمظهر واللباس، والأهم هو الجوهر والفكر، ويصف منتقديه وناصحيه بالمنافقين والكفار والسذج الذين يجب الابتعاد عنهم تمامًا في هذه المرحلة المهمة والخطيرة، وتلميع وتمجيد التنظيمات الإرهابية والدفاع عنها بشراسة وعلى الملأ، ويعتقد أن لا حل لمشكلات المجتمع إلا بقيام دولة الخلافة الراشدة التي ستعيد أمجاد الأمة.
وتتزايد معدلات الحقد والكره والكلام البذيء لكل من يعمل في الجهاز الأمني وضرورة استهدافهم، والتشدد كثيرًا في موضوع المرأة من ناحية اللباس والعمل والحفلات، ومحاولة منع أخواته من المشاركة في هذه المنكرات غير المقبولة بتصوره، وتصنيف الدعاة والعلماء والوعاظ بأنهم دعاة شر وفتنة وفساد حسب عقيدته الإرهابية التكفيرية الجديدة، وفقًا للرميح.
وتتزايد ملامح التشدد لدى الداعشيين الجدد بطباع حادة وسرعة الغضب والتهور لأبسط الأمور، خصوصًا الأمور الشرعية أو التي فيها خلاف شرعي بين طلبة العلم الشرعيين.
روشتة علاج
من جانبه، أرجع الدكتور أحمد التويجري بجامعة القصيم إقدام خوارج العصر على هذه الجرائم البشعة التي لا يقبلها ولا يقرها دين ولا عقل؛ إلى اختراق المفسدين في الأرض للبيوت وعقول الأحداث وسفهاء الأحلام في عقر دورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي متعددة التطبيق.
وأضاف التويجري: "عندما أقول: (ضعف التربية) فإن ذلك لا يعني أن مؤسسة تربوية معينة تتحمل دون غيرها، بداية من الأسرة ومن ثم المدرسة فالمسجد والحي والنادي ووسائل الإعلام أو غيرها من مؤسسات المجتمع التي يعيش معها ذاك الحدث ويتلقى فيها الاتجاهات الإيجابية أو السلبية منها بأسلوب مباشر أو غير مباشر".
وتحدث التويجري عن سبب آخر قد يؤدي إلى هذه الأزمة الفكرية، يتمثل في الأطروحات الناقدة نقدًا غير بناء لبعض أفراد المجتمع ومؤسساته التي يطرحها البعض في المجالس العامة أو الخاصة في المناسبات الصغيرة والكبيرة التي نسي من يطلقونها أن ثمة أحداثًا ينصتون لهم في تلك المجالس ويتشربون هذه الانتقادات للدولة أو لقادتها أو مؤسساتها المتعددة.
وألمح إلى أن علاج هذه الآفة الخطيرة المتكررة يكمن في جعل تلك القضية قضية رأي عام بعيدة التناول والتعاطي معها ومع أبعادها وتبعاتها، ويكون ذلك داخل الأسرة من خلال الآباء والأمهات مع أبنائهم في الحوار الهادف عن تشخيص هذه القضية وتعرُّف أسبابها والوقاية منها.
وشدد على ضرورة أن يكون تناول هذه الآفة بعيد المدى، والتعاطي من قبل العلماء والخطباء والإعلاميين والاجتماعيين والتربويين في مناهجهم وأساليب تعليمهم، بما يكفل تجريم هذه الأفعال الشنيعة والفكر الدخيل على المجتمع السعودي المسلم المتماسك.
6 مراحل للداعشي
ونوه الدكتور إبراهيم الحسينان المختص بعلم النفس التربوي والمهتم بقياس الشخصية والإرشاد النفسي والتربوي والاجتماعي بجامعة المجمعة بأن هناك 6 مراحل يمكن أن يمر بها الفرد حتى يتحول به الأمر إلى الأفعال الإرهابية، أخطرها المرحلة الرابعة التي يبدأ فيها الفرد المشاركة تدريجيًّا في التفكير الأخلاقي والمنطقي للجماعة الإرهابية.
وأوضح الحسينان أن الشاب يبدأ في الانفصال عن المبادئ والتوجيهات الأخلاقية لمجتمعه الأصلي. ويعتبر هذا التحول منعطفًا خطيرًا جدًّا على أفراد مجتمعه الأصلي، بمن فيهم أسرته؛ إذ يراهم أعداء له وللجماعة التي ينتمي إليها، وهذا التحول يتم من خلال فرض العزلة، والتعلق، والسرية، والتخويف من قبل الجماعة لأفرادها الجدد.
وتطرق الحسينان إلى أن هذا الانفصال عن المجتمع الأصلي وأسرته الحقيقية والاندماج مع مجتمع أو أسرة بديلة هي الجماعة الإرهابية يتم تدعيمه من خلال أمرين؛ هما: (أولاً) تعميق التصنيف الاجتماعي الذي يجعل المجتمع مقسومًا إلى نصفين: مجتمع مسلم وآخر كافر. وحسب توجههم، فإن المجتمع المسلم يمثل الفرد نفسه وجماعته الإرهابية. أما الآخرون فهم كفار وأعداء يجب التخلص منهم، حتى لو كانوا أهله وأسرته. و(الثاني) فك الارتباط الأخلاقي الذي يهدف إلى تبرير العنف تجاه الأعداء أيًًا كانوا.
إمبراطورية الإنترنت
بات ملاحظًا بقوة على الجماعات الإرهابية استخدام الإنترنت للنفاذ إلى عقول الشباب. ويشير أحد الباحثين إلى أن تلك الجماعات تسعى إلى رسم صورة ذهنية تساعد في استقطاب الشباب تقوم على ترسيخ فكرة التماسك، والانتماء إلى كيان واحد ومنظم وقوي.
وربما يأتي ذلك في محاولة من الجماعات الإرهابية لاستغلال تيار العزلة والرغبة والتخبط وفقدان الهوية التي شاعت بين بعض الشباب لصالحها؛ فهي تعطي الانطباع للشباب بأن الانضمام إليها سيساعد في إيجاد ذاته الضالة وسط رفقة آمنة قوية متماسكة.
بدوره، قال الدكتور عبدالرحمن العازمي الأستاذ المساعد لتخصص الإرشاد النفسي بجامعة نايف إن الأدمغة المغسولة ليس لديها سوى خيار واحد فقط؛ فبعد أن يحتقر الإرهابي ذاته وتتشوّه أفكاره، يصبح هذا الخيار هو تغيير من حوله إلى اتباع منهجه بالقوة.
وأضاف العازمي: "هؤلاء الدواعش يتعرضون لغسيل الدماغ الذي يعتمد على تغيير المعتقدات بسرعة عالية عن طريق استخدام القوالب الجاهزة (مسلم، كافر)،) و(حلال وحرام)، و(عادل ظالم)؛ فالضحية هنا يصبح أمام تغيير الهوية السابقة هوية الظلم والحرام والفسوق، إلى الهوية الجديدة التي قدمت على شكل قوالب جاهزة: أمير المؤمنين، خليفة المسلمين، ضمير الأمة".
وشدد على أن الغمر العاطفي والارتباك المعرفي وسيلتان يعتمد عليهما داعش لحث تابعيه على نحر أسرته. وهذه الأساليب لا تؤثر في عامة الناس، بل تؤثر فيمن لديهم استعداد وتقبّل، ويعانون من الاندفاع النفسي والعقائدي، وهم موجودون بالمجتمع، مثلهم مثل من لديه استعداد لتناول المخدرات، أو لديه الاستعداد للقتل والعدوانية. وكل شخص لديه استعداد ولا يحتاج إلا إلى برامج بسيطة تدفعه بقوة للدخول في عالم الإرهاب من حيث لا يدرك.
نماذج كارثية
وعن أبشع جرائم منتهجي الفكر الضال والمنحرف، كانت البداية في منطقة القصيم، عندما ذبح أحد الداعشيين خاله العقيد ناصر العثمان الذي كان يعمل في المباحث ووجد مقتولًا بفصل رأسه عن جسده في مزرعته بمدينة بريدة في شهر ربيع الأول عام 1428هـ.
وتعتبر جريمة حي الحمراء بالرياض التي حدثت خلال شهر رمضان الجاري بإقدام توأم على قتل والدتهما المسنة وطعن والدهما وشقيقهما الأكبر؛ هي الأبشع، وصدمتها أكبر من بين الجرائم المماثلة؛ لأن الضحية كانت الأم.
وكان شهر رمضان الماضي شاهدًا على إقدام الشاب عبدالله الرشيد على قتل خاله العقيد راشد الصفيان قبل الإفطار بأربع رصاصات و10 طعنات، ثم فجّر نفسه بالقرب من نقطة تفتيش أمنية.
ولا ينسى أحد غدر أبناء العمومة في منطقة الشملي بحائل، وفي أول أيام عيد الأضحى الماضي، في واحدة من أبشع هذه الجرائم؛ عندما أقدم سعد راضي عياش العنزي (21 سنة)، وشقيقه عبدالعزيز (18 سنة)، على قتل ابن عمهما العسكري مدوس العنزي الذي يسكن معهما في المنزل ذاته بطلقة نارية في رأسه، بعد استدراجه في رحلة صيد برية، ونفذ سعد الجريمة وتكفل عبدالعزيز بالتصوير.
ومن جرائم قتل الأقارب، إقدام أحد المطلوبين بخميس مشيط على قتل والده بإطلاق النار عليه، شهر يوليو 2015، معتقدًا أن والده أبلغ الجهات الأمنية للقبض عليه نتيجة اعتناقه الفكر المتطرف.
وفي فبراير من العام الجاري، غدر 6 متطرفون بابن عمهم الوكيل رقيب بدر الرشيدي أحد منسوبي قوة الطوارئ الخاصة بمنطقة القصيم بعد استدراجه على طريق (الرياض – القصيم) وإطلاق النار عليه وتصوير المقطع ونشره في مواقع التواصل.
http://www.ajel.sa/sites/default/files/styles/optimized_original/public/4_311.jpg?itok=8zn60-lv
http://www.ajel.sa/sites/default/files/styles/optimized_original/public/2_783.jpg?itok=H8aT7r6d
http://www.ajel.sa/sites/default/files/styles/optimized_original/public/1_969.jpg?itok=gmS4tpkq
عاجل الرياض
المصدر : رواسي
خيال ~
قتل الأقارب.. هل أصبح "جواز المرور" للالتحاق بـ"داعش"؟
الأربعاء - 24 رمضان 1437 - 29 يونيو 2016 - 02:11 مساء
http://www.ajel.sa/sites/default/files/styles/optimized_original/public/3_519.jpg?itok=EBfrLbC_
الرياض
تركي الفهيد
فتحت الزيادة الملاحظة في جرائم قتل الأقارب، الباب على مصراعيه أمام ضرورة الوقوف على ارتفاع نسبة الجرائم البشعة داخل المنطقة، خصوصًا ما شهدته الأيام الماضية من إقدام شابين على قتل أمهما، وقيام أبناء عمومة بقتل ابن عمهم، واغتيال شاب لخاله، حتى تحول الأمر، فيما يبدو، كأنها "قرابين" يقدمها الشباب السعودي (المغرر بهم) إلى تنظيم "داعش" الإرهابي.
داعش الدموي
الدكتور يوسف الرميح أستاذ مكافحة الجريمة والإرهاب بجامعة القصيم والمستشار الأمني، قال إن حوادث قتل الأقارب غير مستغربة على فكر وعقلية وسلوك التنظيم الإرهابي الدموي والمتوحش، وتؤكد فكر (داعش) الإرهابي المتعطش للدماء من أبناء هذه البلاد.
وأشار الرميح إلى أن (داعش) يقتل لإثبات الذات أمام المتعاطفين مع التنظيم؛ فالشاب يجب أن يضحي بأحد أقاربه، وكلما كان الضحية المستهدف أقرب، كالوالد أو الوالدة أو العّم أو الخال أو الأخ أو الأخت، كان ذلك أقوى وأفضل للتأكد بأن هذا الشاب استحق بجدارة الانضمام إلى التنظيم الإرهابي.
واعتبر الرميح أن نظرية قتل الأقارب تنطلق من مبدأين: (الأول) أن هذا القريب كافر خارج عن الملة ومرتد يجب قتله. والسبب في ذلك أنه لم يبايع ولم يكن ولاؤه للتنظيم. و(الثاني) أن هذا الشاب الراغب في الانضمام إلى التنظيم الإرهابي المتطرف يطلب منه إثبات ولائه وانتمائه المطلق للتنظيم، ويحصل هذا فقط بقتل قريب له؛ لأن هذا القريب في فكر وعقيدة التنظيم بكل تأكيد كافر.
ولفت الرميح الانتباه إلى أنه من الأفضل أن تكون حادثة القتل موثقة بالصوت والصورة ويعلن فيها ولاءه وانتماءه للتنظيم، ليكون دعاية للبقية من الشباب المراهقين والمترددين في الدخول للتنظيم الإرهابي بأن يحزموا أمرهم ويسارعوا للبيعة له.
داعش الدموي
في الوقت نفسه، ذكر الدكتور يوسف الرميح أن أسرة المؤمنين بفكر داعش أول من يدفعوا ثمن الانضمام إلى التنظيم الإرهابي، مطالبًا الأسر السعودية بمراقبة الشاب مراقبة دقيقة؛ فاليوم لكي يجند الشاب للتنظيم لا يحتاج إلى صديق يثق به ليجنده، بل يحتاج إلى هاتف ذكي وإنترنت يتواصل به مع التنظيم الذي يملي عليه شروطه ويطالبه بالقتل.
وأضاف الرميح: "كل ما سبق يجعل الأسرة مطالبة بمضاعفة مراقبة الشاب والتأكد من توجهاته، وكذلك يضاعف مسؤولية المدرسة بمتابعة الطلاب وكشف أي فكر متطرف وإرهابي في بداياته، وكذلك مسؤولية المسجد في توعية الشباب والكلام عن أهمية الأمن وخطر الإرهاب ووجوب السمع والطاعة لولاة الأمر".
واعتبر أن مسؤولية الحي تتمثل في متابعة الشباب والمراهقين وفتح منافذ للترفيه وقضاء الوقت تحت النظر ومسؤولية الجهات الأمنية لمتابعة مثل هذه الانحرافات الفكرية في مهدها وقبل اكتمالها ومراقبة مواقع الإنترنت ومراقبة الاستراحات وأماكن تجمع الشباب.
أعراض الدعشنة
كالأمراض والفيروسات، وضع الخبراء مجموعة من الأعراض التي تظهر على المنضم إلى التنظيم الإرهابي، بدايةً من كثرة حديثه عن الموت، وانعدام قيمة الحياة، وانتظار الحور العين بفارغ الصبر، إضافة إلى الكلام عن الحرب وضرورة تعلم وحمل واقتناء السلاح.
وهنا حذر الرميح من زيادة تعلق الشاب بمواقع إلكترونية معينة تعلقًا شديدًا، ولا رغبته في أن تعرف أسرته؛ فكلما قرب أحد أفراد الأسرة سارع بغلق الجهاز، ثم البدء في جمع الأموال لأمور لا تعرفها أسرته، ومحاولة جمع الأموال من الأقرباء، ومحاولة تغيير اسمه إلى كنية حركيّة، كأبو القعقاع، والجلوس مع الصغار من العائلة لإعطائهم دروسًا في كفر المجتمع وضرورة مفارقتهم.
ومن تصرفات الداعشي كثرة الكلام السيئ عن الوطن واختزال كل مكسب وتنمية ومشروع، وبيان أن مشروعه الوحيد الحرب والساحات، والنظرة المتشددة والمتطرفة للمجتمع وتكفيره، وشن حرب ضد المنكرات التي تكبر وتضخم بعقل هذا الشاب، وعدم الاهتمام بالمدرسة والتعليم، وأنه خلق لهدف أسمى وأشمل وأعظم وهو الدفاع عن الأمة.
وتبدو على الشاب المنساق وراء الأفكار الداعشية، إظهار عدم رضاه بأي مناسبات أسرية أو اجتماعية، كالزواج والأعياد والحفلات، والهروب من المناسبات الأسرية بأي عذر كان، والاهتمام المفاجئ بالقضايا السياسية للعالم، والإيمان الكامل بفكر وعقيدة المؤامرة التي تحاك بأبناء المملكة.
ونبه الرميح إلى أن المنساق وراء الفكري الداعشي لا يهتم بالمظهر واللباس، والأهم هو الجوهر والفكر، ويصف منتقديه وناصحيه بالمنافقين والكفار والسذج الذين يجب الابتعاد عنهم تمامًا في هذه المرحلة المهمة والخطيرة، وتلميع وتمجيد التنظيمات الإرهابية والدفاع عنها بشراسة وعلى الملأ، ويعتقد أن لا حل لمشكلات المجتمع إلا بقيام دولة الخلافة الراشدة التي ستعيد أمجاد الأمة.
وتتزايد معدلات الحقد والكره والكلام البذيء لكل من يعمل في الجهاز الأمني وضرورة استهدافهم، والتشدد كثيرًا في موضوع المرأة من ناحية اللباس والعمل والحفلات، ومحاولة منع أخواته من المشاركة في هذه المنكرات غير المقبولة بتصوره، وتصنيف الدعاة والعلماء والوعاظ بأنهم دعاة شر وفتنة وفساد حسب عقيدته الإرهابية التكفيرية الجديدة، وفقًا للرميح.
وتتزايد ملامح التشدد لدى الداعشيين الجدد بطباع حادة وسرعة الغضب والتهور لأبسط الأمور، خصوصًا الأمور الشرعية أو التي فيها خلاف شرعي بين طلبة العلم الشرعيين.
روشتة علاج
من جانبه، أرجع الدكتور أحمد التويجري بجامعة القصيم إقدام خوارج العصر على هذه الجرائم البشعة التي لا يقبلها ولا يقرها دين ولا عقل؛ إلى اختراق المفسدين في الأرض للبيوت وعقول الأحداث وسفهاء الأحلام في عقر دورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي متعددة التطبيق.
وأضاف التويجري: "عندما أقول: (ضعف التربية) فإن ذلك لا يعني أن مؤسسة تربوية معينة تتحمل دون غيرها، بداية من الأسرة ومن ثم المدرسة فالمسجد والحي والنادي ووسائل الإعلام أو غيرها من مؤسسات المجتمع التي يعيش معها ذاك الحدث ويتلقى فيها الاتجاهات الإيجابية أو السلبية منها بأسلوب مباشر أو غير مباشر".
وتحدث التويجري عن سبب آخر قد يؤدي إلى هذه الأزمة الفكرية، يتمثل في الأطروحات الناقدة نقدًا غير بناء لبعض أفراد المجتمع ومؤسساته التي يطرحها البعض في المجالس العامة أو الخاصة في المناسبات الصغيرة والكبيرة التي نسي من يطلقونها أن ثمة أحداثًا ينصتون لهم في تلك المجالس ويتشربون هذه الانتقادات للدولة أو لقادتها أو مؤسساتها المتعددة.
وألمح إلى أن علاج هذه الآفة الخطيرة المتكررة يكمن في جعل تلك القضية قضية رأي عام بعيدة التناول والتعاطي معها ومع أبعادها وتبعاتها، ويكون ذلك داخل الأسرة من خلال الآباء والأمهات مع أبنائهم في الحوار الهادف عن تشخيص هذه القضية وتعرُّف أسبابها والوقاية منها.
وشدد على ضرورة أن يكون تناول هذه الآفة بعيد المدى، والتعاطي من قبل العلماء والخطباء والإعلاميين والاجتماعيين والتربويين في مناهجهم وأساليب تعليمهم، بما يكفل تجريم هذه الأفعال الشنيعة والفكر الدخيل على المجتمع السعودي المسلم المتماسك.
6 مراحل للداعشي
ونوه الدكتور إبراهيم الحسينان المختص بعلم النفس التربوي والمهتم بقياس الشخصية والإرشاد النفسي والتربوي والاجتماعي بجامعة المجمعة بأن هناك 6 مراحل يمكن أن يمر بها الفرد حتى يتحول به الأمر إلى الأفعال الإرهابية، أخطرها المرحلة الرابعة التي يبدأ فيها الفرد المشاركة تدريجيًّا في التفكير الأخلاقي والمنطقي للجماعة الإرهابية.
وأوضح الحسينان أن الشاب يبدأ في الانفصال عن المبادئ والتوجيهات الأخلاقية لمجتمعه الأصلي. ويعتبر هذا التحول منعطفًا خطيرًا جدًّا على أفراد مجتمعه الأصلي، بمن فيهم أسرته؛ إذ يراهم أعداء له وللجماعة التي ينتمي إليها، وهذا التحول يتم من خلال فرض العزلة، والتعلق، والسرية، والتخويف من قبل الجماعة لأفرادها الجدد.
وتطرق الحسينان إلى أن هذا الانفصال عن المجتمع الأصلي وأسرته الحقيقية والاندماج مع مجتمع أو أسرة بديلة هي الجماعة الإرهابية يتم تدعيمه من خلال أمرين؛ هما: (أولاً) تعميق التصنيف الاجتماعي الذي يجعل المجتمع مقسومًا إلى نصفين: مجتمع مسلم وآخر كافر. وحسب توجههم، فإن المجتمع المسلم يمثل الفرد نفسه وجماعته الإرهابية. أما الآخرون فهم كفار وأعداء يجب التخلص منهم، حتى لو كانوا أهله وأسرته. و(الثاني) فك الارتباط الأخلاقي الذي يهدف إلى تبرير العنف تجاه الأعداء أيًًا كانوا.
إمبراطورية الإنترنت
بات ملاحظًا بقوة على الجماعات الإرهابية استخدام الإنترنت للنفاذ إلى عقول الشباب. ويشير أحد الباحثين إلى أن تلك الجماعات تسعى إلى رسم صورة ذهنية تساعد في استقطاب الشباب تقوم على ترسيخ فكرة التماسك، والانتماء إلى كيان واحد ومنظم وقوي.
وربما يأتي ذلك في محاولة من الجماعات الإرهابية لاستغلال تيار العزلة والرغبة والتخبط وفقدان الهوية التي شاعت بين بعض الشباب لصالحها؛ فهي تعطي الانطباع للشباب بأن الانضمام إليها سيساعد في إيجاد ذاته الضالة وسط رفقة آمنة قوية متماسكة.
بدوره، قال الدكتور عبدالرحمن العازمي الأستاذ المساعد لتخصص الإرشاد النفسي بجامعة نايف إن الأدمغة المغسولة ليس لديها سوى خيار واحد فقط؛ فبعد أن يحتقر الإرهابي ذاته وتتشوّه أفكاره، يصبح هذا الخيار هو تغيير من حوله إلى اتباع منهجه بالقوة.
وأضاف العازمي: "هؤلاء الدواعش يتعرضون لغسيل الدماغ الذي يعتمد على تغيير المعتقدات بسرعة عالية عن طريق استخدام القوالب الجاهزة (مسلم، كافر)،) و(حلال وحرام)، و(عادل ظالم)؛ فالضحية هنا يصبح أمام تغيير الهوية السابقة هوية الظلم والحرام والفسوق، إلى الهوية الجديدة التي قدمت على شكل قوالب جاهزة: أمير المؤمنين، خليفة المسلمين، ضمير الأمة".
وشدد على أن الغمر العاطفي والارتباك المعرفي وسيلتان يعتمد عليهما داعش لحث تابعيه على نحر أسرته. وهذه الأساليب لا تؤثر في عامة الناس، بل تؤثر فيمن لديهم استعداد وتقبّل، ويعانون من الاندفاع النفسي والعقائدي، وهم موجودون بالمجتمع، مثلهم مثل من لديه استعداد لتناول المخدرات، أو لديه الاستعداد للقتل والعدوانية. وكل شخص لديه استعداد ولا يحتاج إلا إلى برامج بسيطة تدفعه بقوة للدخول في عالم الإرهاب من حيث لا يدرك.
نماذج كارثية
وعن أبشع جرائم منتهجي الفكر الضال والمنحرف، كانت البداية في منطقة القصيم، عندما ذبح أحد الداعشيين خاله العقيد ناصر العثمان الذي كان يعمل في المباحث ووجد مقتولًا بفصل رأسه عن جسده في مزرعته بمدينة بريدة في شهر ربيع الأول عام 1428هـ.
وتعتبر جريمة حي الحمراء بالرياض التي حدثت خلال شهر رمضان الجاري بإقدام توأم على قتل والدتهما المسنة وطعن والدهما وشقيقهما الأكبر؛ هي الأبشع، وصدمتها أكبر من بين الجرائم المماثلة؛ لأن الضحية كانت الأم.
وكان شهر رمضان الماضي شاهدًا على إقدام الشاب عبدالله الرشيد على قتل خاله العقيد راشد الصفيان قبل الإفطار بأربع رصاصات و10 طعنات، ثم فجّر نفسه بالقرب من نقطة تفتيش أمنية.
ولا ينسى أحد غدر أبناء العمومة في منطقة الشملي بحائل، وفي أول أيام عيد الأضحى الماضي، في واحدة من أبشع هذه الجرائم؛ عندما أقدم سعد راضي عياش العنزي (21 سنة)، وشقيقه عبدالعزيز (18 سنة)، على قتل ابن عمهما العسكري مدوس العنزي الذي يسكن معهما في المنزل ذاته بطلقة نارية في رأسه، بعد استدراجه في رحلة صيد برية، ونفذ سعد الجريمة وتكفل عبدالعزيز بالتصوير.
ومن جرائم قتل الأقارب، إقدام أحد المطلوبين بخميس مشيط على قتل والده بإطلاق النار عليه، شهر يوليو 2015، معتقدًا أن والده أبلغ الجهات الأمنية للقبض عليه نتيجة اعتناقه الفكر المتطرف.
وفي فبراير من العام الجاري، غدر 6 متطرفون بابن عمهم الوكيل رقيب بدر الرشيدي أحد منسوبي قوة الطوارئ الخاصة بمنطقة القصيم بعد استدراجه على طريق (الرياض – القصيم) وإطلاق النار عليه وتصوير المقطع ونشره في مواقع التواصل.
http://www.ajel.sa/sites/default/files/styles/optimized_original/public/4_311.jpg?itok=8zn60-lv
http://www.ajel.sa/sites/default/files/styles/optimized_original/public/2_783.jpg?itok=H8aT7r6d
http://www.ajel.sa/sites/default/files/styles/optimized_original/public/1_969.jpg?itok=gmS4tpkq
عاجل الرياض
المصدر : رواسي
خيال ~