خيال مطير
18-04-2016, 03:33 PM
لأحد 10 رجب 1437 هـ- 17 ابريل 2016م - ا
امتداد لهجرات القبائل والروابط الاجتماعية بين البلدين
جسر الملك سلمان عبر الموروث الشعبي والتاريخ الشفهي
http://s.alriyadh.com/2016/04/17/img/209314297773.jpg
يؤدى فن الرفيحي في سيناء بنفس الطريقة شمال الحجاز يؤدى فن الرفيحي في سيناء بنفس الطريقة شمال الحجاز
فاطمة البلوي
يدعم جسر الملك سلمان, الذي أعلن خادم الحرمين الشريفين وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي , تشييده ليربط ما بين المملكة العربية السعودية ومصر, معززا الامتداد التاريخي القديم, لبلدين قطبين متجاورين عبر قارتين, يفصلهما البحر الأحمر, من نقطة من عدة كيلومترات, وجاء قرار الملك سلمان في مد الجسر من أقرب نقطة بين الدولتين عبر البحر الأحمر, ومعززا لروابط أخوية دينية وتجارية واقتصادية قديمة, لم تقطعها عوامل الزمن وتقلباته .
خلقت الهجرات القبلية المتبادلة بين القطرين في شمال غرب المملكة وسيناء وصعيد مصر, منظومة من الروابط الاجتماعية اعتنقها المجتمعان في البلدين, والتي كانت هجرتهم لأسباب كثيرة, منها طلب الرزق في أحد البلدين, ومنها ما وقع على السكان من أضرار كونية وبشرية ألحت عليهم بالهجرة للأماكن التي يجدون فيها أمنا لهم, فربطت أواصر القرابة بين البلدين, فالمملكة مصدر ديني وتجاري ووجهة لهجرة الأسر المصرية قديما, وكانت مصر مصدرا تجاريا واقتصاديا وعلميا ومطلبا للرزق.
ذكر المؤرخ اليوناني سترابون في كتابه أن المصريين صدروا عبر موانئ غرب البحر الأحمر منتجاتهم, كالثياب الأرجوانية, والزعفران, والتماثيل والصور المنحوتة, ومارس الأنباط فيها تجارتهم بالبخور وزيت البان, ما يدل على ملتقى سوق تجاري بري وبحري حر عرفته هذه الموانئ, عبر ساحلي البحر الأحمر في أفريقيا, وآسيا, كما جاء ذكر موانئ شمال غرب المملكة والموانئ المصرية على البحر الأحمر في دليل البحر الأرثري.
ومن المؤثرات القديمة التي خلقت تجانسا أثريا بين البلدين من جوانب دينية واقتصادية وسياسية منها:
المحمل المصري, وأول من أمر بتجهيزه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه, ثم صار محل اهتمام حكام المسلمين باختلاف العصور والأحقاب بمصر, وأقاموا له محطات على طول درب الحاج, من انطلاقته بمصر, حتى يصل مكة المكرمة والمدينة المنورة, واهتموا ببناء البرك, وحفروا الآبار, وشيدوا القلاع, كقلعة الأزلم, وقلعة المويلح, وقلعتي السوق والزريب بالوجه, وقلعة تبوك, لحفظ المؤن وتزويد الحجاج بالماء, وتسهيلا لعملية الحج تطورت وسيلة السفر للحج من مصر, عبر موانئ ضبة, والوجه, واملج, وينبع, وجدة, فتم بناء محاجرا صحيا في الموانئ ما زالت آثارها موجودة يمر به الحجاج للتطعيم بها, والفحص عن الأمراض المعدية, وعلاج المرضى من الحجاج, .كما تم بناء منارة لهداية السفن عام 1292 ه. وخصوصا وقت الحج, يتفرع درب الحاج المصري من محطة الوجه, إلى طريقين, داخلي يتجه للمدينة المنورة, وساحلي يتجه لمكة المكرمة, تقوم في هذه المحطات الأسواق الشعبية يحملها الحجاج بغرض التجارة, فيتم معها كسب الثقافات الأدبية والعادات والتقاليد لاحتكاك مجتمع شمال غرب المملكة بالحجاج القادمين بثقافاتهم, , فاستوطن بعض السكان,لهذه المحطات على درب الحاج المصري, بسبب توفر المياه, فكونت بلدان حضارية كبلدة بدا, وشغب, وأبا القزاز, والمويلح, والبدع, والمنجور, وترك حجاج درب الحاج المصري موروثاتهم وثقافتهم التي امتزجت بالثقافة المحلية, وأثرت كل منهما على الأخرى, فنجد عادات تمارس في شمال غرب المملكة, يمارسونها في مصر, كالفنون الشعبية, فمثلا فن الرفيحي تمارسه القبائل التي هاجرت لمصر بنفس الطريقة التي تمارسه القبيلة الأم في شمال غرب المملكة, وكذلك الهجيني, والاهتمام بتربية الإبل., وجاء العهد الميمون ودخل الحجيج تحت مظلة الحكم السعودي ولاقى اهتماما وتطويرا عظيمين وتنظيما كبيرا في الحجيج القادمين من بلدان العالم ومنها حجاج مصر عبر جسر جوي وجسر بحري. فكان جسر الملك سلمان موطدا وداعما لطريق تاريخي ديني اجتماعي مهم بين شعبين شقيقين وبلدين لهما ثقل دولي وتاريخي واقتصادي عالمي.
وعبر الموروث الديني, تشاركت المملكة العربية السعودية ومصرفي كسوة الكعبة, التي كانت ترسلها مصر سنويا, ولها مصنع خاص يرسل عبر المحمل المصري, يخرج من مصر باحتفالات بطريقة مهيبة, وبالصرة والمخصصات المالية للولاة والقبائل التي تقوم بحماية الحجاج أثناء مرورهم بمحيطها الجغرافي حتى يصلوا لمكة المكرمة أو المدينة, وتسليم كسوة الكعبة ليلبسوها لها بمساعدة الأغوات, وهي رتبة عالية لموظفين مخصصين لخدمة الكعبة.
في عام 1382ه. انتقلت مسؤولية كسوة الكعبة إلى العهد السعودي, فأصبح لها مصنعٌ خاصٌ وموظفون مهنيون بمستوى عال من المهارة في خياطتها, ونقشها, لتلبس الكعبة الكسوة بعد غسيلها بمنظر مهيب, يشرف عليه خادم الحرمين الشريفين أو من ينوب عنه, وبمساعدة سدنة الكعبة, وهم القائمون مكان الأغوات قديما التي أشرفت عليهم مصر.
عرف البلدان التبادلات التجارية بين تجارهما, عبر الساحل الأفريقي بمصر, والآسيوي بشمال غرب المملكة العربية السعودية, وطرح تجار البلدين منتجاتهم الشعبية عبر الأسواق ذات المحلات الكثيرة, والمتعددة, وتمت في أسواقها أعظم الصفقات التجارية, وكانت أسواق ضبة والوجه وتبوك وينبع وأملج مقصدا لتجار مصر عبر القوافل, التي كان لها خط سير ثابت, فيما كانت أسواق مصر مقصدا لتجار الجزيرة العربية وخاصة شمال غرب المملكة,فكوَنت جسرا تجاريا بريا باتجاهين تجاريين متعاكسين, بقوافل قادمة للتجارة بأسواق شمال غرب المملكة, يحملون المنتجات المصرية كالأقمشة والزينة والأواني والقطن وغيرها, ويعودون ببضائع المنطقة, وقوافل أخرى من تجار شمال غرب المملكة يتجهون لأسواق مصر, يحملون منتجاتهم كالسمن وزيت البان والأغنام والإبل والخيل والفحم والجلود, يبيعونها بمصر, ويعودون للحجاز محملين ببضائع مصرية, فكان سوق المناخة بالوجه , الممتد على أرض براح ,يبدأ بانتهاء آخر دكان في سوق الوجه أمام الميناء مباشرة, وسمي المناخة لأن إبل القوافل التجارية تنيخ فيه .
وجسر بحري تجاري اقتصادي آخر ,حملت فيها السنابيك والقطائر, منتجات العالم, من موانئ مصر كميناء الإسماعيلية, إلى أسواق ضبا والوجه واملج وينبع, عبر موانئها, فكانت الأسواق تزخر بالبضائع المصرية, والتبادلات التجارية بين تجار البلدين.
ومن التأثيرات المهمة في تبادل المصالح بين البلدين, فقد أدى فتح قناة السويس في إنعاش اقتصاد شمال غرب المملكة, بتشغيل قطار السويس, الذي يعمل على البخار في عام 1862م. ما جعل الفحم مطلبا أسياسيا لتشغيل القطارات, فازدهرت معه تجارة الفحم في منطقة تبوك, وتصديرها لمصر, عبر تجارِ أقدم موانئ على البحر الأحمر في الساحلين الأفريقي بمصر والآسيوي بشمال غرب المملكة , فعملوا على إحداث مهنة التفحيم بالمنطقة, وصار له مهنيون يتقنون صناعته, لوجود كثافة في الأشجار المتنوعة كالسمْر, والطلح, والسيال, فكان مصدرا جديدا للرزق, وأُبرمت الصفقات التجارية لجمع الفحم من أماكن تصنيعه في منطقة تبوك لتصديره عبر القنوات والطرق التجارية في شمال غرب المملكة, ومنها ميناء القصير بمصر وميناء ضبه والوجه بالمملكة .
في عام 1882م, أصاب سكان ميناء القصير على ساحل البحر الأحمر الأفريقي بمصر, مرض أهلك أكثر سكانها, فكان الموتى والدفن من السكان بالمئات يوميا, ما هدد المتبقين منهم, فهجروها متجهين عبر القطائر والسنابيك على دفعات هربا من الموت عبر موانئ الوجه وضبة وينبع ,فكانت هجراتهم عبر أقصر الطرق لقرب المسافة بين الساحلين منه, فاستقروا بها كعائلات, دخلت تحت الحكم السعودي كسعوديين استوطنوا بثقافاتهم.
وبالمقابل هجرات القبائل من شمال غرب المملكة, لسيناء, وصعيد مصر, لأسباب منها الجفاف, وقلة الماء, ووفرة الماء والأراضي الزراعية بمصر.
كلها عوامل أثرت في المجتمعين المصري والسعودي, ما كوَن مجتمعا سعوديا ناقلا لعاداته وتقاليده يعيش في مصر وفي الصعيد وسيناء تحديدا , ومجتمع مصري ناقلا لعاداته وتقاليده يعيش بشمال غرب المملكة العربية السعودية تحديدا, لتأخذ العادات والتقاليد شكلا يشترك فيها المجتمعان,بنفس الشكل والمضمون, كالفنون الشعبية, وعادات الزواج, وفي الكرم وفي أكثر الممارسات, بسبب التقاء الثقافتين لتذوب في المجتمعين المتقاربين في صعيد مصر وسكان شمال غرب المملكة, ليشكل موروثا مستقلا ممزوجا من ثقافتين عبر مصر والسعودية, نرى تأثيره واضحا في ملابس المرأة البدوية في سيناء والصعيد, كالمنقب و المرودن, والتي هي أصلا من موروث شمال غرب المملكة, فيما نجد الخرقة أي عباءة المرأة في شمال غرب المملكة,نسخة من ملاية المرأة المصرية المعروفة بالعصر المملوكي, كذلك ما يلبسه الرجل من غترة وثوب وعقال والذي يلبسه الرجال في سيناء وبعض الصعيد عبر هجرة القبائل من شمال الجزيرة العربية لمصر. وبعض الأهازيج والمفردات الشعبية.
جاء إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود, والرئيس عبدالفتاح السيسي, بمد جسر الملك سلمان معززا لروابط تاريخية قديمة ولأواصر قرابة بين شعبين جمعهم الدين الواحد الموروث من خلال الهجرات القبلية والأسرية. ولا شك ان ذلك يلبي رغبة صادقة لدى الشعبين السعودي والمصري وستنعكس على الشعبين نفعا تجاريا وتواصلا اخويا.
http://s.alriyadh.com/2016/04/17/img/148020973804.jpg
المنقب شمال غربي المملكة
http://s.alriyadh.com/2016/04/17/img/967035440911.jpg
لباس المرأة من صحراء سيناء في مصر
http://s.alriyadh.com/2016/04/17/img/645225284080.jpg
المحمل المصري ساعد على نقل الثقافة بين البلدين
ألمصًدرَ رواسَي نَنجد . الكاتَب خيال مطير ~
خزامى الصحاري
~http://www.armathyh.com/vb/images/ehdaa_smilies/eh_s(17).gif
امتداد لهجرات القبائل والروابط الاجتماعية بين البلدين
جسر الملك سلمان عبر الموروث الشعبي والتاريخ الشفهي
http://s.alriyadh.com/2016/04/17/img/209314297773.jpg
يؤدى فن الرفيحي في سيناء بنفس الطريقة شمال الحجاز يؤدى فن الرفيحي في سيناء بنفس الطريقة شمال الحجاز
فاطمة البلوي
يدعم جسر الملك سلمان, الذي أعلن خادم الحرمين الشريفين وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي , تشييده ليربط ما بين المملكة العربية السعودية ومصر, معززا الامتداد التاريخي القديم, لبلدين قطبين متجاورين عبر قارتين, يفصلهما البحر الأحمر, من نقطة من عدة كيلومترات, وجاء قرار الملك سلمان في مد الجسر من أقرب نقطة بين الدولتين عبر البحر الأحمر, ومعززا لروابط أخوية دينية وتجارية واقتصادية قديمة, لم تقطعها عوامل الزمن وتقلباته .
خلقت الهجرات القبلية المتبادلة بين القطرين في شمال غرب المملكة وسيناء وصعيد مصر, منظومة من الروابط الاجتماعية اعتنقها المجتمعان في البلدين, والتي كانت هجرتهم لأسباب كثيرة, منها طلب الرزق في أحد البلدين, ومنها ما وقع على السكان من أضرار كونية وبشرية ألحت عليهم بالهجرة للأماكن التي يجدون فيها أمنا لهم, فربطت أواصر القرابة بين البلدين, فالمملكة مصدر ديني وتجاري ووجهة لهجرة الأسر المصرية قديما, وكانت مصر مصدرا تجاريا واقتصاديا وعلميا ومطلبا للرزق.
ذكر المؤرخ اليوناني سترابون في كتابه أن المصريين صدروا عبر موانئ غرب البحر الأحمر منتجاتهم, كالثياب الأرجوانية, والزعفران, والتماثيل والصور المنحوتة, ومارس الأنباط فيها تجارتهم بالبخور وزيت البان, ما يدل على ملتقى سوق تجاري بري وبحري حر عرفته هذه الموانئ, عبر ساحلي البحر الأحمر في أفريقيا, وآسيا, كما جاء ذكر موانئ شمال غرب المملكة والموانئ المصرية على البحر الأحمر في دليل البحر الأرثري.
ومن المؤثرات القديمة التي خلقت تجانسا أثريا بين البلدين من جوانب دينية واقتصادية وسياسية منها:
المحمل المصري, وأول من أمر بتجهيزه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه, ثم صار محل اهتمام حكام المسلمين باختلاف العصور والأحقاب بمصر, وأقاموا له محطات على طول درب الحاج, من انطلاقته بمصر, حتى يصل مكة المكرمة والمدينة المنورة, واهتموا ببناء البرك, وحفروا الآبار, وشيدوا القلاع, كقلعة الأزلم, وقلعة المويلح, وقلعتي السوق والزريب بالوجه, وقلعة تبوك, لحفظ المؤن وتزويد الحجاج بالماء, وتسهيلا لعملية الحج تطورت وسيلة السفر للحج من مصر, عبر موانئ ضبة, والوجه, واملج, وينبع, وجدة, فتم بناء محاجرا صحيا في الموانئ ما زالت آثارها موجودة يمر به الحجاج للتطعيم بها, والفحص عن الأمراض المعدية, وعلاج المرضى من الحجاج, .كما تم بناء منارة لهداية السفن عام 1292 ه. وخصوصا وقت الحج, يتفرع درب الحاج المصري من محطة الوجه, إلى طريقين, داخلي يتجه للمدينة المنورة, وساحلي يتجه لمكة المكرمة, تقوم في هذه المحطات الأسواق الشعبية يحملها الحجاج بغرض التجارة, فيتم معها كسب الثقافات الأدبية والعادات والتقاليد لاحتكاك مجتمع شمال غرب المملكة بالحجاج القادمين بثقافاتهم, , فاستوطن بعض السكان,لهذه المحطات على درب الحاج المصري, بسبب توفر المياه, فكونت بلدان حضارية كبلدة بدا, وشغب, وأبا القزاز, والمويلح, والبدع, والمنجور, وترك حجاج درب الحاج المصري موروثاتهم وثقافتهم التي امتزجت بالثقافة المحلية, وأثرت كل منهما على الأخرى, فنجد عادات تمارس في شمال غرب المملكة, يمارسونها في مصر, كالفنون الشعبية, فمثلا فن الرفيحي تمارسه القبائل التي هاجرت لمصر بنفس الطريقة التي تمارسه القبيلة الأم في شمال غرب المملكة, وكذلك الهجيني, والاهتمام بتربية الإبل., وجاء العهد الميمون ودخل الحجيج تحت مظلة الحكم السعودي ولاقى اهتماما وتطويرا عظيمين وتنظيما كبيرا في الحجيج القادمين من بلدان العالم ومنها حجاج مصر عبر جسر جوي وجسر بحري. فكان جسر الملك سلمان موطدا وداعما لطريق تاريخي ديني اجتماعي مهم بين شعبين شقيقين وبلدين لهما ثقل دولي وتاريخي واقتصادي عالمي.
وعبر الموروث الديني, تشاركت المملكة العربية السعودية ومصرفي كسوة الكعبة, التي كانت ترسلها مصر سنويا, ولها مصنع خاص يرسل عبر المحمل المصري, يخرج من مصر باحتفالات بطريقة مهيبة, وبالصرة والمخصصات المالية للولاة والقبائل التي تقوم بحماية الحجاج أثناء مرورهم بمحيطها الجغرافي حتى يصلوا لمكة المكرمة أو المدينة, وتسليم كسوة الكعبة ليلبسوها لها بمساعدة الأغوات, وهي رتبة عالية لموظفين مخصصين لخدمة الكعبة.
في عام 1382ه. انتقلت مسؤولية كسوة الكعبة إلى العهد السعودي, فأصبح لها مصنعٌ خاصٌ وموظفون مهنيون بمستوى عال من المهارة في خياطتها, ونقشها, لتلبس الكعبة الكسوة بعد غسيلها بمنظر مهيب, يشرف عليه خادم الحرمين الشريفين أو من ينوب عنه, وبمساعدة سدنة الكعبة, وهم القائمون مكان الأغوات قديما التي أشرفت عليهم مصر.
عرف البلدان التبادلات التجارية بين تجارهما, عبر الساحل الأفريقي بمصر, والآسيوي بشمال غرب المملكة العربية السعودية, وطرح تجار البلدين منتجاتهم الشعبية عبر الأسواق ذات المحلات الكثيرة, والمتعددة, وتمت في أسواقها أعظم الصفقات التجارية, وكانت أسواق ضبة والوجه وتبوك وينبع وأملج مقصدا لتجار مصر عبر القوافل, التي كان لها خط سير ثابت, فيما كانت أسواق مصر مقصدا لتجار الجزيرة العربية وخاصة شمال غرب المملكة,فكوَنت جسرا تجاريا بريا باتجاهين تجاريين متعاكسين, بقوافل قادمة للتجارة بأسواق شمال غرب المملكة, يحملون المنتجات المصرية كالأقمشة والزينة والأواني والقطن وغيرها, ويعودون ببضائع المنطقة, وقوافل أخرى من تجار شمال غرب المملكة يتجهون لأسواق مصر, يحملون منتجاتهم كالسمن وزيت البان والأغنام والإبل والخيل والفحم والجلود, يبيعونها بمصر, ويعودون للحجاز محملين ببضائع مصرية, فكان سوق المناخة بالوجه , الممتد على أرض براح ,يبدأ بانتهاء آخر دكان في سوق الوجه أمام الميناء مباشرة, وسمي المناخة لأن إبل القوافل التجارية تنيخ فيه .
وجسر بحري تجاري اقتصادي آخر ,حملت فيها السنابيك والقطائر, منتجات العالم, من موانئ مصر كميناء الإسماعيلية, إلى أسواق ضبا والوجه واملج وينبع, عبر موانئها, فكانت الأسواق تزخر بالبضائع المصرية, والتبادلات التجارية بين تجار البلدين.
ومن التأثيرات المهمة في تبادل المصالح بين البلدين, فقد أدى فتح قناة السويس في إنعاش اقتصاد شمال غرب المملكة, بتشغيل قطار السويس, الذي يعمل على البخار في عام 1862م. ما جعل الفحم مطلبا أسياسيا لتشغيل القطارات, فازدهرت معه تجارة الفحم في منطقة تبوك, وتصديرها لمصر, عبر تجارِ أقدم موانئ على البحر الأحمر في الساحلين الأفريقي بمصر والآسيوي بشمال غرب المملكة , فعملوا على إحداث مهنة التفحيم بالمنطقة, وصار له مهنيون يتقنون صناعته, لوجود كثافة في الأشجار المتنوعة كالسمْر, والطلح, والسيال, فكان مصدرا جديدا للرزق, وأُبرمت الصفقات التجارية لجمع الفحم من أماكن تصنيعه في منطقة تبوك لتصديره عبر القنوات والطرق التجارية في شمال غرب المملكة, ومنها ميناء القصير بمصر وميناء ضبه والوجه بالمملكة .
في عام 1882م, أصاب سكان ميناء القصير على ساحل البحر الأحمر الأفريقي بمصر, مرض أهلك أكثر سكانها, فكان الموتى والدفن من السكان بالمئات يوميا, ما هدد المتبقين منهم, فهجروها متجهين عبر القطائر والسنابيك على دفعات هربا من الموت عبر موانئ الوجه وضبة وينبع ,فكانت هجراتهم عبر أقصر الطرق لقرب المسافة بين الساحلين منه, فاستقروا بها كعائلات, دخلت تحت الحكم السعودي كسعوديين استوطنوا بثقافاتهم.
وبالمقابل هجرات القبائل من شمال غرب المملكة, لسيناء, وصعيد مصر, لأسباب منها الجفاف, وقلة الماء, ووفرة الماء والأراضي الزراعية بمصر.
كلها عوامل أثرت في المجتمعين المصري والسعودي, ما كوَن مجتمعا سعوديا ناقلا لعاداته وتقاليده يعيش في مصر وفي الصعيد وسيناء تحديدا , ومجتمع مصري ناقلا لعاداته وتقاليده يعيش بشمال غرب المملكة العربية السعودية تحديدا, لتأخذ العادات والتقاليد شكلا يشترك فيها المجتمعان,بنفس الشكل والمضمون, كالفنون الشعبية, وعادات الزواج, وفي الكرم وفي أكثر الممارسات, بسبب التقاء الثقافتين لتذوب في المجتمعين المتقاربين في صعيد مصر وسكان شمال غرب المملكة, ليشكل موروثا مستقلا ممزوجا من ثقافتين عبر مصر والسعودية, نرى تأثيره واضحا في ملابس المرأة البدوية في سيناء والصعيد, كالمنقب و المرودن, والتي هي أصلا من موروث شمال غرب المملكة, فيما نجد الخرقة أي عباءة المرأة في شمال غرب المملكة,نسخة من ملاية المرأة المصرية المعروفة بالعصر المملوكي, كذلك ما يلبسه الرجل من غترة وثوب وعقال والذي يلبسه الرجال في سيناء وبعض الصعيد عبر هجرة القبائل من شمال الجزيرة العربية لمصر. وبعض الأهازيج والمفردات الشعبية.
جاء إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود, والرئيس عبدالفتاح السيسي, بمد جسر الملك سلمان معززا لروابط تاريخية قديمة ولأواصر قرابة بين شعبين جمعهم الدين الواحد الموروث من خلال الهجرات القبلية والأسرية. ولا شك ان ذلك يلبي رغبة صادقة لدى الشعبين السعودي والمصري وستنعكس على الشعبين نفعا تجاريا وتواصلا اخويا.
http://s.alriyadh.com/2016/04/17/img/148020973804.jpg
المنقب شمال غربي المملكة
http://s.alriyadh.com/2016/04/17/img/967035440911.jpg
لباس المرأة من صحراء سيناء في مصر
http://s.alriyadh.com/2016/04/17/img/645225284080.jpg
المحمل المصري ساعد على نقل الثقافة بين البلدين
ألمصًدرَ رواسَي نَنجد . الكاتَب خيال مطير ~
خزامى الصحاري
~http://www.armathyh.com/vb/images/ehdaa_smilies/eh_s(17).gif